أخبار

من “نيادران” إلى “بوكا بواسا”.. طقوس رمضانية متوارثة في إندونيسيا

في إندونيسيا، يحل شهر رمضان حاملًا معه أجواءً روحانية عميقة، تتناغم مع احتفالات ثقافية غنية تعكس عمق التقاليد الإسلامية المتوارثة عبر الأجيال، ومع بداية الشهر الفضيل، تتزين الشوارع بالأضواء، وتمتلئ المساجد بالمصلين، وتتعالى أصوات تلاوة القرآن الكريم، وعند غروب الشمس، أو ما يُعرف بوقت “بوكا بواسا” (وقت الإفطار)، يجتمع الناس على موائد الإفطار في أجواء من التلاحم بين القيم الدينية والتقاليد المحلية.

وعلى الرغم من تشابه العادات الرمضانية في إندونيسيا مع العديد من الدول الإسلامية، إلا أن هذا البلد يتميز بطقوس خاصة تضفي على الشهر الكريم طابعًا فريدًا، يجمع بين الأجواء الروحانية والاحتفالات الثقافية المتنوعة. وفي هذه التدوينة، تصحبكم W7Worldwide للاستشارات الإستراتيجية والإعلامية، في رحلة شيّقة لاستكشاف 8 من أبرز التقاليد الرمضانية في إندونيسيا، التي تجسد روح التكاتف المجتمعي وتعبّر عن فرحة استقبال هذا الشهر المبارك.

1. نيادران (Nyadran) – زيارة وتنظيف القبور

مع اقتراب شهر رمضان، يتوجه الإندونيسيون، خاصة في جزيرة جاوة، لزيارة قبور أجدادهم وأقاربهم، حيث يقومون بتنظيفها وتزيينها بالزهور، ثم يتلون القرآن ويدعون للمتوفين، ويُعدّ هذا التقليد فرصة لإحياء ذكرى الأجداد وتعزيز احترامهم وتقديرهم قبل بداية الشهر المبارك.

2. دوجديران (Dugderan) – احتفال إعلان قدوم رمضان

يعود احتفال “دوجديران” السنوي إلى القرن التاسع عشر في مدينة سيمارانج، عاصمة مقاطعة جاوة الوسطى، ويشمل هذا التقليد قرع الطبول الضخمة، وتنظيم المواكب الشعبية، وإطلاق الألعاب النارية احتفالًا بحلول شهر رمضان، كما تتزين الشوارع، ويحتشد الناس في الأسواق لشراء مستلزمات الشهر الكريم.

3. ميوجانغ (Meugang) – شراء وتوزيع اللحوم

في مقاطعة آتشيه، يستعد السكان لشهر رمضان من خلال تقليد يُسمى “ميوجانغ”، حيث يشترون اللحوم ويطهونها ثم يوزعونها على العائلة والفقراء، وهو ما يعكس روح التكافل الاجتماعي والتضامن بين أفراد المجتمع.

4. باليماو (Balimau) – الاغتسال بالليمون المالح

يؤدي سكان مقاطعة سومطرة الغربية في إندونيسيا طقس “باليماو” الرمزي استعدادًا لرمضان، والذي يتمثل في الاغتسال في الأنهار بماء ممزوج بعصير الليمون والزهور العطرية، وذلك بهدف التطهير الجسدي والروحي، ويُعتبر هذا الطقس وسيلةً لتجديد القلب والروح استعدادًا لاستقبال شهر رمضان المبارك.

5. نيوروغ (Nyurog) – تقديم الطعام للأقارب

في العاصمة الإندونيسية جاكرتا والمناطق المحيطة بها، يتبع الإندونيسيون تقليد “نيوروغ”، حيث يُعدّون حقائب تحتوي على الأرز والخضروات والأسماك، ثم يهدونها لكبار السن وأفراد العائلة الأكبر سنًا تعبيرًا عن التقدير والاحترام، وهو ما يساهم في تعزيز الروابط الأسرية، ويعكس قيم التكافل والاحترام المتبادل.

6. ميجيبونج (Megibung) – موائد الإفطار الجماعية

في مقاطعة بالي، يُعرف تقليد “ميجيبونج” بتناول وجبات الإفطار الرمضاني الجماعية، حيث يجتمع المسلمون في حلقات كبيرة لتناول الطعام معًا، ويتم توزيع الطعام بالتساوي بين الجميع، ويجسد هذا التقليد روح المشاركة والتعاون بين الصائمين، ويعزز الألفة والمحبة.

7. مالامانج (Malamanag) – طهي الليمانغ الجماعي

خلال شهر رمضان، يجتمع السكان في مقاطعة سومطرة الغربية لطهي “الليمانغ”، وهو نوع من الأرز الدبق الممزوج بحليب جوز الهند، ويتم طهوه داخل جذع الخيزران، ويحرص الأهالي على تحضير هذا الطبق التقليدي في أجواء احتفالية، تعبيرًا عن فرحتهم بقدوم الشهر الكريم.

8. ميجينجان (Megengan) – تجمعات الذكر والاستعداد الروحي

في إقليم جاوة الشرقية بإندونيسيا، يحرص السكان على ممارسة تقليد “ميجينجان” خلال شهر رمضان، حيث يتجمعون في المساجد أو في منازل الشيوخ للاستماع إلى الدروس الدينية والتوجيهات الروحية، مما يُعزز الوعي الديني ويشجع على التوبة والتقوى في هذا الشهر المبارك.

عادات رمضانية تجمع بين الأصالة والروحانية

تُظهر عادات رمضان في إندونيسيا مدى ارتباط المجتمع بجذوره الثقافية والدينية، وتعكس قيم الاحترام والتكافل والفرح الجماعي، ورغم توحّد المسلمين حول العالم في صيام الشهر المبارك، تظل لكل دولة بصمتها الخاصة التي تضيف بعدًا ثقافيًا مميزًا لهذه التجربة الإيمانية.

وفي إندونيسيا، يمثل رمضان موسمًا لتجديد الروابط الاجتماعية والاحتفاء بالتراث المحلي، حيث يمتزج الطابع الروحاني بالاحتفالات الثقافية في أجواءٍ تجمع بين التأمل والتقوى، والفرح والضيافة، وتعزز روح الوحدة والاحترام بين أفراد المجتمع.